ملفات

هل تنجح الوساطة الإسبانية في تغيير الوضع بين المغرب والجزائر حول ملف الصحراء؟


تناسلت عديد التكهنات وطُرحت مجموعة من التساؤلات حول مستقبل نزاع الصحراء المغربية، في ظل الدعوة الأممية إلى إحياء مسلسل المفاوضات المعلنة من طرف مجلس الأمن الدولي، مع شكلها وأطرافها الرئيسيين، وكذا مشروعهم الأممي المطروح على طاولة الحوار المرتقب.

وأمام الغموض الذي بات يكتنف مستقبل الوساطة الأممية التي أعلن نية إطلاقها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2703 الخاص بقضية الصحراء؛ وفي ظل الهجمات الإرهابية التي شنتها ميليشيات البوليساريو على مدينة السمارة، انبرت تقارير دولية ترجح فرضية إنهاء مهمة بعثة المينورسو بالمنطقة لعدم قدرتها على الاضطلاع بالمهام المنوطة بها، ولتجاوز مجلس الأمن مبدأ “الاستفتاء” كإجراء صعب التطبيق في حلحلة النزاع.

وحول استعداد منظمة الأمم المتحدة لعودة الأطراف المعنية إلى مربع المفاوضات المباشرة، أكدت تقارير إعلامية دولية عزم الوسيط الأممي تقديم عدد من المقترحات على طاولة الحوار التي ستجمع الأطراف المعنية بالنزاع مطلع سنة 2024، تشمل صيغة توافقية تتلاءم مع مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007، تماشيا وقرار مجلس الأمن الدولي الذي حث جميع الأطراف على تقديم حل “واقعي” و”عملي” لطي عمر الملف الذي تجاوز عقده الثالث في مسلسل النقاشات الأممية.

وأوردت المصادر ذاتها أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية قد أشرتا فعليا لـ”إسبانيا” للعب دور الوساطة بين المغرب والجزائر، في محاولة لإذابة الجليد بينهما وتبني طرح براغماتي لإنهاء الصراع حول الصحراء، خصوصا في ظل تمسك المغرب بأن “ليست هناك مفاوضات دون فرض الجزائر طرفا مباشرا في الصراع، ودعوتها إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية إقليميا، باحتلالها الجزء الأكبر من حل قضية الصحراء المغربية”.

ولم تستبعد التقارير أيضا إنهاء وجود أفراد بعثة المينورسو بالمنطقة، مشيرة الى أن تمديد ولاية البعثة من لدن مجلس الأمن الدولي شهر أكتوبر الماضي سيكون هو آخر تمديد للبعثة مع التذكير بإمكانية إعفاء ستيفان ديمستورا من منصبه تزامنا مع إنهاء مهام البعثة الأممية المينورسو بالصحراء.

كما تحدثت المصادر ذاتها أن الرباط استقبلت بأريحية بالغة التوصيات التي جاءت في قرار مجلس الأمن 2703 الأخير، وبالدور الجديد الذي ستلعبه الجارة الشمالية للمملكة، خصوصا أن المستجد يأتي بالتزامن مع الاعترافات الأخيرة بمغربية الصحراء من طرف إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وتفاعلا مع الموضوع، قال سعيد بوشاكوك، باحث أكاديمي مهتم بالمجال والتنمية، إن التطورات الأخيرة التي عرفها الملف تأتي بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على القرار رقم 2703 المتعلق بموضوع الصحراء المغربية، والذي أشادت به المملكة المغربية وأدانته جبهة البوليساريو وترك خيبة أمل لدى النظام العسكري الجزائري.

وأضاف بوشاكوك، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “القرار يعد محطة مفصلية في مسلسل القرارات الأممية، إذ يستحضر كل المستجدات الميدانية على أرض الواقع وخاصة تزايد التأييد والدعم لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام للنزاع المفتعل”، مشيرا إلى “توالي افتتاح التمثيليات الدبلوماسية في العيون والداخلة، إضافة إلى “توالي الاعتراف الدولي لسيادة المغرب على صحرائه، وبالأخص الاعتراف الأمريكي والإسباني”.

“إن القرار رقم 2703 محطة مفصلية للإعداد المسبق لمرحلة ما بعد 31 اكتوبر 2024، إذ يتم التداول على أن مجلس الأمن الدولي يمكن أن يبعد مناقشة هذا الملف ضمن أجندته للتداول؛ نظرًا للجهات الرافضة لكل حل على أساس التفاوض السلمي بآلية الموائد المستديرة وبإشراف أممي حصري”، سجل المتحدث ذاته، الذي شدد على أن “الملاحظ أن جميع الوساطات تصل إلى الباب المسدود دون جدوى؛ مما يطبع على الملف حالة الجمود”، مضيفا: “من محاسن هذا القرار اعتبار دولة الجزائر طرفا وفاعلا أساسيا في النزاع لاعتبارات يعلمها الجميع”.

وتعليقا على دور الوساطة الذي تقودها المملكة الإسبانية، لفت الخبير في ملف الصحراء إلى أنه “يتداول حاليا في الأوساط السياسية وساطة دولة إسبانيا بين المغرب والجزائر؛ نظرًا للمسؤولية التاريخية لإسبانيا من جهة، ومن جهة أخرى للمصالح المشتركة كل من جانبه، رغم اليد الممدودة للمغرب لفتح قنوات الاتصال والحوار مع الجارة الجزائرية التي للأسف لا تستجيب إيجابًا لهذه المبادرات الجادة والهادفة”.

وأشار الباحث في خبايا الملف إلى أن “مجلس الأمن الدولي تجاوز الهجمات الإرهابية التي شهدتها مدينة السمارة حتى لا يعتبر المنطقة في حالة حرب مما يزيد من خيبات الأطراف الرافضة للحل السلمي”، مؤكدا أن “إسبانيا دولة المجموعات المستقلة واجهت الانفصال والتشتت بخيار الجهوية السياسية، أي نظام الحكم الذاتي الذي ستستفيد من محاسنه في حالة قبوله كخيار للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية ساكنة المخيمات في المقام الأول”.

وختم بوشاكوك حديثه بالتأكيد على أن “التوجه العام لمسار ملف الصحراء يسير في طي الملف بشكل قطعي بالحجج الواقعية والمادية بعيدا عن الدعاية المجانية والمجافية للحقيقة، إذ تعد الفرصة الأخيرة لجبهة البوليساريو للانخراط في مسلسل التسوية حتى لا تشكل قاعدة خلفية للإرهاب يهدد الأمن والسلم الدوليين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى