ملفات

تثير سعار الإعلام الجزائري اتفاقيات الشراكة الجديدة بين المغرب والإمارات


أثارت اتفاقيات الشراكة الجديدة، التي وقّع عليها كل من المغرب والإمارات خلال الزيارة الأخيرة التي قادت الملك محمد السادس إلى هذا البلد الخليجي، حفيظة النظام الجزائري الذي أسالت هذه الشراكة مداد صحافييه ووسائل إعلامه التي تفننت في مهاجمة هذا التقارب المغربي الإماراتي لإرضاء غرور قصر المرادية وتبرير عجزه عن بناء ما سمي بـ”الجزائر الجديدة” و”القوة الضاربة” التي فشلت في تحقيق أية منجزات تنموية واقتصادية، باعتراف من الجزائريين الأحرار أنفسهم.

وسائل إعلام وصحف ناطقة باسم هذا النظام ذي المرجعية العسكرية الاستبدادية خصصت صفحاتها الأولى لبث سمومها ولـ”شيطنة” ومهاجمة التحالف الاستراتيجي بين الرباط وأبوظبي وربطه مجددا بعلاقات كلا البلدين بإسرائيل، على الرغم من أن نص إعلان الشراكة بينهما لم يتضمن أي ذكر للدولة العبرية، في محاولة للتغطية عن الأسباب الحقيقية التي تجعل الجزائر تهاجم في كل مرة وفي مناسبة أو بدونها وبواسطة إعلامها هذا التحالف الذي يشكل مثالا للشراكة والتعاون بين دولتين عربيين وإسلاميتين؛ وهو التعاون ذاته الذي طالما نادت به الجزائر نفسها.

تضليل إعلامي وسوء تقدير

تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “هذا الهجوم، الذي تقوم به الجزائر من خلال إعلامها على الاتفاق المغربي الإماراتي، يمكن قراءته على أنه تضليل إعلامي موجه إلى الاستهلاك الداخلي لتغطي به على فشل الدولة الجزائرية وعدم قدرتها على مواكبة التطورات الجديدة التي يقتضيها التدبير الحديث للاقتصاد وإدماجه في حركة الاقتصادين العالمي والإقليمي وجعله اقتصادا فاعلا ومؤثرا محليا وإقليميا، خاصة أن الاقتصاد الجزائري يملك كل المقومات لذلك؛ بما فيها الاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز”.

وأضاف بركنان أن “قراءة الجزائر وترويجها لكون هذا التقارب المغربي الإماراتي هو تقارب من أجل تقوية الوجود الإسرائيلي في المنطقة وكذلك من أجل قضية الصحراء المغربية هي قراءة سياسية لاتفاق اقتصادي أحست من خلاله الجزائر بأنها أصبحت أكثر عزلة في حدودها الجغرافية، خاصة أن هذه الاتفاقيات التي وقّعها البلدان تُعتبر من الجيل الجديد من الشراكات الذي لا يعتمد على تقديم القروض وإنما يعتمد على مبدأ المشاركة في الاستثمار والبحث عن تمويلات لمشاريع ستنتقل بالمغرب في الأفق الاستراتيجي لنموذج اقتصادي متطور ومتعدد المصادر”.

وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن “البعد الإفريقي، الذي اعتمده المغرب في هذه الاتفاقيات، ترك لدى الجزائر اليقين السياسي بأن المملكة ستُقدم النموذج السياسي والاقتصادي الذي سيضع الجزائر في الحرج السياسي داخليا وفي تعميق عزلتها على المستوى الخارجي والتي كانت نتيجة سوء تدبير وتقدير موقفها السياسي في عدد من المحطات”، معتبرا أن “المبررات التي تصيغها الجزائر بلغة سياسية حول هذا التقارب المغربي الإماراتي أصبحت مكشوفة وتضع الجزائر أمام تناقضاتها أكثر مما تُنقص من قيمة هذا التقارب متعدد الأبعاد”.

فشل اقتصادي وتدخل في الشؤون الداخلية

من جهته، أود وليد كبير، صحافي جزائري، أن “إعلان الشراكة الجديدة المبتكرة بين الرباط وأبوظبي هو إعلان تاريخي يجسد عمق العلاقات التي تربط هذين البلديْن الحليفيْن والشقيقيْن اللذين تربطهما مصالح واهتمامات مشتركة؛ غير أن هذه الشراكة أثارت حفيظة النظام الجزائري الذي هاجم إعلامه الموالي المغرب والإمارات، وهو ما يمكن اعتباره تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية وفي سيادة الدول التي تتمتع بالحرية الكاملة في التصرف وفقا لما تقتضيه مصالحها الاستراتيجية”.

وأضاف كبير، في تصريح لهسبريس، أن “النظام الجزائري طالما نادى بتحقيق الوحدة والتضامن والتعاون بين الدول العربية والإسلامية، وتبنى هذا الشعار خلال القمة العربية مما قبل الأخيرة في الجزائر؛ غير أنه اليوم وكالعادة يناقضه أقواله ويحاول شيطنة هذا التقارب المغربي الإماراتي”، مسجلا أن “الدوافع وراء هذا الهجوم الذي يتكرر مع كل تقارب بين هذين البلدين تمكن أساسا في محاولة تغطية النظام على فشله في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر وإقناع المستثمرين لضخ رؤوس أموالهم في الاقتصاد الجزائري”.

وزاد موضحا: “النظام يتخوف كذلك من أن تُقوي هذه الشراكة التاريخية بين الإمارات والمغرب، والتي همت عددا من القطاعات الحيوية، المكانة الإقليمية للرباط على المستوى الاقتصادي وتجعل المغرب القوة الأولى في شمال إفريقيا، خاصة مع حجم الاتفاقيات الموقعة بين البلدين والتي ستحول المملكة إلى منصة اقتصادية إقليمية ودولية مهمة في العالم، على الرغم من أن المغرب طالما عبّر أنه لا يسعى إلى الهيمنة على المنطقة أو زعامتها بقدر ما يبحث عن تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي يحقق التنمية للمنطقة المغاربية وللقارة الإفريقية بشكل عام. وخير دليل على ذلك ما صرح به الملك محمد السادس في خطابه الأخير، الذي عبر عن استعداد المغرب لوضع كل وسائله اللوجستية تحت تصرف دول الساحل والصحراء”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “النظام الجزائري يتخوف كذلك من سقوط أسطورة هيمنة وزعامة الجزائر للمنطقة والتي حاول الترويج لها على مدى عقود داخليا وخارجيا”، لافتا إلى أن “هذا النظام لم ينجح في شيء سوى في مراكمة العداوات مع الدول؛ بدءا بالمغرب ووصولا إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها الإمارات التي تقف مع المغرب في ملف وحدته الترابية على غرار باقي الدول الخليجية الأخرى، وهذا ما يسفر كذلك الهجوم الإعلامي المتكرر على التحالف الاستراتيجي المغربي الإماراتي”.

وخلص الصحافي الجزائري إلى أن “الجزائر كان الأحرى بها، قبل أن تفكر في مهاجمة المغرب والإمارات، أن تطلب أولا من المستثمرين الإماراتيين مغادرة ترابها الوطني”، مسجلا أن “الاستثمارات الإماراتية في الجزائر تقدر بأكثر من 15 مليار دولار. كما تسيّر الإمارات ميناءين في الجزائر؛ بما فيهما ميناء الجزائر العاصمة”، معتبرا أن “النظام الحاكم يؤكد بهذه الممارسات أنه لا يحب الجزائريين أنفسهم ولا يهتم بمصالحهم، فما بالكم أن يهتم بمصالح أية دولة أو أي شعب آخر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى