الرئيس يسحق الدستور والأحزاب “ لعنة الإقالة تصيب الوزير الأول في الجزائر”

أثار تعيين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المدير السابق لديوانه نذير العرباوي، أمس السبت، وزيرا أول جديدا خلفا لأيمن عبد الرحمن الذي أنهيت مهامه، مجموعة من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا التعيين الذي يأتي قبل عام من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي قال تبون في أحد حواراته التلفزيونية إن “الجميع ينتظرها”.
ويبدو أن “لعنة” الإقالات والتعيينات الجديدة والإنهاءات المفاجئة لمهام المسؤولين الجزائريين قد أصابت المشهد السياسي في الجزائر، خاصة خلال العهدة الحالية للرئيس عبد المجيد تبون، التي يفيق معها الشعب الجزائري كل يوم على خبر إنهاء مهام هذا المسؤول أو ذاك، وتعيين آخر بدلا عنه، وهو ما يكشف حسب متتبعين عن تيه سياسي يعيشه النظام الجزائري، وعن لعب هذا الأخير بالأفراد خدمة لمصالحه وأجندته الخاصة.
تعليقا على ذلك قال وليد كبير، صحافي جزائري معارض، إن “إقالة أيمن عبد الرحمان كانت مرتقبة، حيث كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة”، مضيفا أن “تعيين العرباوي من طرف الرئيس تبون كوزير أول جديد يدخل في إطار ترتيبات الحملة الانتخابية للرئاسيات المقبلة التي يريد تبون الترشح لها وحسم الانتخابات قبل موعدها”.
وأضاف كبير أن “العرباوي ذا الأصول التونسية أصبح من رجالات الثقة بالنسبة لمؤسسة رئاسة الجمهورية التي عرفت مؤخرا توسيعا مهما لصلاحيات مستشاري الرئيس ومدير الديوان”، لافتا إلى أن “تعيين الرجل اليوم يأتي في سياق الصراعات السياسية التي تتقوى قبيل كل استحقاق انتخابي رئاسي في الجزائر”.
ولفت المتحدث عينه في تصريح لهسبريس إلى أنه “مع صراع الأجنحة داخل النظام الجزائري فإن الرئيس الحالي يريد أن يسيطر على الجهاز التنفيذي من خلال تعيين المقربين منه في مناصب جديدة”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “هذا التعيين يعطي مرة أخرى صورة عن الطريقة التي يدير بها النظام الحكم في البلاد، ذلك أن العرباوي لا ينتمي إلى الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة، مع ما يعنيه ذلك من إفراغ للعملية الانتخابية من فلسفتها، وإفراغ كذلك لمضمون الدستور الذي وافق عليه الشعب الجزائري في نونبر 2020”.
من جهته قال علق هشام عبود، صحافي جزائري معارض، على هذا المستجد بالقول إن “هذا التعيين يأتي قبل عام من انتهاء العهدة الأولى لتبون، المفروضة على الشعب الجزائري”، مسجلا أن “العرباوي لا علاقة له بالسياسة الخارجية والدبلوماسية، ولا يملك أي تجربة دبلوماسية، إذ اشتغل في المحاماة قبل أن يتم توظيفه لأول مرة في وزارة الخارجية الجزائرية كدبلوماسي”.
وأضاف عبود أن “الرجل تولى عددا من المناصب خلال السنوات الأربع الماضية، حيث كان عدم الاستقرار في أي منصب هو السمة المميزة لمساره”، مشيرا إلى أن “عددا من المناصب المهمة في الجزائر هي الأخرى لم تعرف استقرارا على رجل واحد، على غرار منصب وزير الخارجية”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “مسار العرباوي مشابه إلى حد ما لمسار الوزير الأول السابق علي بن فليس الذي شغل هو الآخر منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية بوتفليقة، قبل أن يتم تعيينه على رأس الحكومة”، مردفا بأنه “من المحتمل أن يلعب العرباوي الدور نفسه الذي لعبه سلفه بن فليس، ليترشح بعدها هو الآخر ضد تبون في الرئاسيات”.
واستبعد عبود أن “تكون وراء التعيين رغبة الرئاسة في خلق ديناميكية جديدة في العمل الحكومي، بالنظر إلى الجمود الذي تشهده الجزائر”، وفسر ذلك بالقول: “هذا الطرح مستبعد لأن الرئيس أبقى على باقي الوزراء في الحكومة، فيما غير منصب الوزير الأول لوحده؛ ثم إن خلق ديناميكية من هذا النوع يتطلب تعيين سياسي على رأس الحكومة وليس موظفا”.
وخلص الصحافي الجزائري المعارض إلى أن “هذا التعيين الجديد يعكس ما يمكن أن نسميه لعب النظام القائم بالأفراد”، موردا أن “الرئيس تبون إنما يناور من أجل الحصول على عهدة ثانية، ذلك أن قرار ترشحه وفوزه من عدمه ليس بيده وإنما في يد المؤسسة العسكرية في شخص شنقريحة”.