تحقيقات

انتقاد سفير فلسطين في الجزائر لاتفاقيات التطبيع بحضور ممثل جبهة البوليساريو


قال فايز أبوعطية، السفير الفلسطيني لدى الجزائر، إن معظم الدول العربية كانت تتعامل مع القضية الفلسطينية من “ناحية شكلية فقط باستثناء الجزائر”، مشيرا إلى أن هذه الدول “كان همها الشديد هو السيطرة على القضية واحتكار تمثيل الشعب الفلسطيني”، مسجلا في الوقت ذاته أن “الفلسطينيين كانوا مراقبين في عدد من العواصم، حيث كان ممنوعا على الفلسطيني أن يدافع عن نفسه أو يمثل نفسه إلا من خلال الحكومات العربية للأسف الشديد”.

وأضاف الدبلوماسي الفلسطيني، في كلمة له على هامش الجلسة الختامية للجامعة الصيفية لحزب “التجمع الوطني الجمهوري” الجزائري، التي حضرها كضيف شرف إلى جانب من يسمى “السفير الصحراوي” لدى الجزائر، أن “القضية الفلسطينية تمر الآن بظروف قاسية وصعبة”، لافتا إلى “وجود تطورات سياسية تريد تجاوزها من خلال مؤامرة أمريكية إسرائيلية تريد اختراق الموقف العربي من خلال الحيلولة مع بعض الدول العربية دون الوصول إلى حل”.

واقتبس أبوعطية عن رئيس بلاده الذي قال في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه “واهم من يعتقد أنه يستطيع أن يحقق الأمن والاستقرار دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه”، مشيرا إلى أن “الرسالة كانت واضحة”، قبل أن يعلق بالقول: “توقيع اتفاقيات سلام واتفاقيات تطبيع مع كل الدول لن يحقق الأمن والاستقرار، لأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه المشروعة وسيواصل كفاحه حتى يحقق تطلعاته التي ضحى من أجلها”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “فلسطين لا تريد من الجيوش العربية أن تقاتل نيابة عن الشعب الفلسطيني، لأنها فعلت ذلك في 48 و67 وكانت النتيجة كارثية وتحمل الشعب الفلسطيني نتيجة ذلك، حيث تركت الجيوش العربية فلسطين سليبة للإسرائيليين بعد هذه الحروب، فيما الشعب الفلسطيني يدفع الثمن حتى الآن”.

وأضاف السفير الفلسطيني لدى الجزائر: “لقد تعلمنا من هذه التجربة ونريد أن نخوض كفاحنا ونضالنا بأنفسنا، ولا نريد أن تقاتل معنا الجيوش العربية أو أن تغامر الدول العربية بأنظمتها ومستقبلها من أجل فلسطين. كل ما نريده هو دعم الشعب الفلسطيني لتعزيز صموده على أراضيه”، مسجلا أن “الصراع مع الاحتلال هو صراع وجودي”.

مرجعية متجاوزة وتوازنات إيديولوجية

تعليقا على ذلك، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إنه “يجب ألا ننسى أن هذا الدبلوماسي الذي عبر عن هذا الموقف هو سفير السلطة الفلسطينية لدى الجزائر، وهي الدولة التي تعتبر نفسها قطب الدول الممانعة والمناهضة للتطبيع، وترى أن الحل ليس في الحوار، وأن النضال الفلسطيني ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله هو الطريقة التي سيتم بها استرداد حقوقه التي اغتصبت منذ أربعينيات القرن الماضي؛ وهي مرجعية فكرية مؤطرة للنضال الفلسطيني تم تجاوزها حتى من طرف السلطة الفلسطينية نفسها منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة عندما آمنت بالحل السلمي والحوار وجلست للتفاوض في مؤتمر أوسلو”.

“أن يكون المؤتمر في الجزائر، وأن يكون من بين الحاضرين ممثل دولة وهمية، فلا بد أن يكون الخطاب مؤسسا على مبادى إيديولوجية تشبع غريزة العسكر الجزائري الذي لا يؤمن بالحوار وإنما بالفتنة والتفرقة”، يسجل بركنان، الذي أوضح أن “موقف المسؤول الفلسطيني من اتفاقيات السلام لا يعدو أن يكون انفراديا، لا يمثل السلطة الفلسطينية الممثلة في الرئيس عباس، التي تدري جيدا أن هذه الاتفاقيات قد تؤسس لحوار عربي إسرائيلي إيجابي من خلال تزكية حل الدولتين كما يدافع عنه المغرب”، مردفا بأن “السلطة الفلسطينية تأكدت من ذلك مباشرة بعد الاتصال الذي أجراه ملك المغرب بعد عقد اتفاق إعادة العلاقات مع إسرائيل”.

وحول الدلالات السياسية لحضور السفير الفلسطيني إلى جانب “ممثل الانفصاليين”، أورد المتحدث عينه في تصريح لهسبريس أن “ذلك تصرف انفرادي يدين السفير الفلسطيني أكثر مما يدين السلطة الفلسطينية، فهو تصرف محكوم بتوازنات سياسية وإيديولوجية تفرضها ضرورة الحفاظ على الدعم المالي الذي يقدمه العسكر الجزائري للسلطة الفلسطينية وللدبلوماسيين الفلسطينيين، بقدر الخدمات الدبلوماسية التي يقومون بها ترويجا منهم لأطروحة العداء لإسرائيل والعداء للمغرب”.

جدير بالذكر أن الرباط جددت على لسان ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، خلال المناقشة العامة للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أواخر الشهر الماضي في نيويورك، تأكيد موقفها الثابت تجاه القصية الفلسطينية ورفضها كل الإجراءات الأحادية التي تقوض الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى