تحقيقات

أحزاب فرنسية ضد تجاوزات النظام بالجزائر تخلق توثر بين تبون وماكرون


أثار تصويت نواب برلمانيين من حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،على القرار الأخير للبرلمان الأوروبي، المتعلق بحرية الصحافة في الجزائر، تساؤلات عديدة داخل الأوساط السياسية والإعلامية الجزائرية حول مستقبل العلاقات بين قصر المرادية والإليزيه، في ظل ما كان قد وصف في مارس الماضي بـ”عودة الدف إلى هذه العلاقات” إثر عودة السفير الجزائري إلى باريس، بعد فترة جمود أعقبت هروب الناشطة أميرة بوراوي إلى فرنسا.

وفي وقت يجري التحضير لزيارة مرتقبة للرئيس الجزائري إلى فرنسا، يبدو أن العلاقات بين البلدين ستدخل في مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات، إثر الصدمة التي خلفها تأييد أعضاء من المجموعة البرلمانية التي تضم حزب ماكرون وأحزابا فرنسية أخرى للقرار الذي طالب الجزائر بالإفراج الفوري عن صحافيين معتقلين بسجونها.

إثر ذلك، شككت وسائل إعلام جزائرية في جدية الرئيس الفرنسي في بناء “علاقات ودية قائمة على الندية مع الجزائر”؛ فيما يرى محللون أن تصويت نواب من مجموعة ماكرون، التي تضم 23 نائبا في البرلمان الأوروبي، على قرار هذا الأخير مؤشر على “بداية انهيار” العلاقات بين البلدين، بعد أن بلغت ذروتها العام الماضي على خلفية زيارة ماكرون إلى الجزائر، ليبقى السؤال المطروح: كيف سترد الجزائر على هذه الإهانة الفرنسية؟

نكاية في المغرب

قال مصطفى المريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إنه “مهما بلغت الإهانات الفرنسية إلى الجزائر فإن هذه الأخيرة ستستمر في تقبلها نكاية في المغرب لا غير”.

المتحدث ذاته أفاد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الطغمة العسكرية في الجزائر تفضل أن تهان من الأجنبي على أن تستجيب للنداء الصادر من الأعماق ومن التاريخ والمصالح المشتركة، الذي ما فتئ المغرب يرسله إلى الجزائر عبر قنوات متعددة؛ بما فيها أعلى قناة دبلوماسية في البلاد، وهي المؤسسة الملكية”.

“النظام الحاكم في الجزائر مستعد لتقديم تنازلات وتحمل الإهانات مقابل قطع الطريق أمام أي انفتاح فرنسي على المغرب” أضاف المتخصص في العلاقات الدولية سالف الذكر، مردفا أن “النظام الجزائري يدرك تماما أن قطع علاقاته مع فرنسا سيؤدي إلى تقارب فرنسي مغربي تبني من خلاله باريس موقفا واضحا من قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهذا ما تخشاه الجزائر”.

وخلص المريني إلى أن “فرنسا أهانت، في أكثر من مناسبة، الجزائر؛ غير أن هذه الأخيرة ستستمر في المراهنة على فرنسا بغض النظر عن هذه الاعتبارات، لأنها ما زالت ترى أن قطع الطريق أمام المغرب وتقويض انفتاحه إقليميا ودوليا هو المبرر الذي من أجله وجدت”.

المد والجزر

سجل حفيظ الزهري، المحلل السياسي، أن “تصويت بعض النواب المحسوبين على حزب ماكرون على القرار الأوروبي الأخير ينسجم مع مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، التي يؤمن به الفرنسيون والمضمنة في شعار الجمهورية. وبالتالي، فإن العلاقات الفرنسية الجزائرية في هذا المستوى من المنطقي جدا أن تتميز بنوع من الشنآن والمد والجزر”.

وشدد المحلل السياسي ذاته على أنه على الرغم من “المحاولات الجزائرية لاستمالة فرنسا واستصدار مواقف ضد المغرب، فإن باريس تحاول دائما خلق نوع من التوازن في علاقتها مع دول المنطقة المغاربية”.

وتابع المتحدث عينه بأن “العلاقات التي تربط الجزائر مع الدولة العميقة في فرنسا لا يمكن أن تتضرر بهذه المتغيرات؛ لأن الطرف الجزائري يراهن دائما على باريس، ويحاول أن يضغط عليها في اتجاه استصدار مواقف لصالحه في عدد من القضايا الإقليمية، على رأسها قضية الصحراء المغربية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى